خلافة داعش والمملكة السعودية / الجزء الثاني

خلافة داعش والمملكة السعودية

تشابه البدايات

الجزء الثاني

النشرة العراقية

عمار الساعدي

الثلاثاء، 08 تموز، 2014

لندن

ksa3 

عودة من جديد

بعد حوالي قرن من الزمان، كان شريف مكة هو الحسين بن علي وكان قد قام بالثورة على الدولة العثمانية بتأييد ودعم بريطاني اثناء نهايات الحرب العالمية الاولى،

وظهر “عبد العزيز بن عبدالرحمن بن تركى بن فيصل” مملوءاً بحماسة وعزيمة ليستعيد امجاد جده فى الملك والسلطة، وكان عبدالعزيز هذا (والد ملك السعودية  عبدالله الحالى) ذكياً وسياسياً ومحنك فى استغلال الفرص، وقد بدأ مشروعه الجديد بمغامرة فى عام 1902 حين انطلق بمعية اربعين فارساً ليحتل “الرياض” من يد اميرها آنذاك، ومنها شرع يفكر ويعمل على فرض سيطرته على باقي “نجد” ومن ثم “الحجاز” بعد ذلك فى غضون عقدين من الزمن.

 

كان قد بدأ فى تكوين جيشه من عرب البادية، من خلال تشجيعه على تكوين قرى ثابتة ودعوتهم للاستقرار فيها، واطلق على تلك القرى اسم “الهجر”، وبلغ عدد رجالها عشرات الالوف آنذك، وارسل بعد ذلك اليها الوعاظ ليقوموا بدورهم فى تعليمهم وفق المذهب الوهابي ، وارسل الى هذه القرى الاموال ودعمها من اجل ان تكون ناجحة،

وبدأ سكانها حياة جديدة حيث باعوا ابلهم وامتهنوا الزراعة والتجارة، وسكنوا بيوتا مبنية من اللبن بدلا من الخيام، ولبسوا العمامة البيضاء بدلا من العقال العربي، واطلقوا على انفسهم لقب “الاخوان”، يعبرون بذلك عن اخوتهم الدينية، واهتموا بممارسة العبادات اليومية وتدارس السيرة النبوية، وكان لهم فى كل هجرة مسجدا يتدارسون فيه ويغص بالمصلين فيه،  وقد ارادوا ان يتشبهوا بالمسلمين الاوائل واعتبروا ان من لم يهاجر اليهم من البادية فلا اسلام له، ولايأكلون ذبائحهم ولايسلمون عليهم حتى يهاجروا اليهم،

وزبدة القول ان هؤلاء  تشربوا مفهوما بسيطا وساذجا للاسلام حتى اعتبروا ان من لم يترك العقال ويلبس العمامة فهو مبتدع، وان حياة البادية هى جاهلية ومصدر شر.

 

كان بن سعود قد جعل من هؤلاء جنودا مستعدين للموت من اجل الجنة، ومبرر ذلك فى نظرهم ان غيرهم من المسلمين الذين لم يهاجروا اليهم بمافيهم من بادية وغير بادية كفار وغير مسلمين يجب قتالهم، وقد استفاد بن سعود من ذلك استفادة بالغة اذ وفرت له جنود فدائيين فى مشروعه فى السيطرة على نجد ومن ثم الحجاز.

كانوا يتسابقون الى الموت بدون وجل او خوف، وكان شعارهم “هبت هبوب الجنة وين انت ياباغيها”، وكانوا فى ذات الوقت بغاية القسوة عند فتحهم لمدينة او قرية، فلايسلم من ذبحهم لاطفل ولا امرأة ولا شيخ مسن.

تحين بن سعود الفرص لفتح الحجاز حين تم له امر نجد بالكامل، وعقد مؤتمرا فى الرياض سنة 1924 بعدما اعلن الشريف حسين بن علي الخلافة، وذكر مسألة منع الحج على الاخوان وانها بغى منه، حتى انتهى المؤتمر بهتاف الاخوان للقتال وفتح الحجاز، 

ووجه على اثر ذلك بن سعود غارتين، الاولى باتجاه شرقي الاردن للمشاغلة، والثانية باتجاه الحجاز،

فى الغارة الاولى فانهم دخلوا على قرية “طنب” وذبحوا معظم اهلها وشرد من من تبقى من سكانها ومن القرى الاخرى ايضا حين سمعوا بالخبر، ولكن رد عليهم البريطانيون انذاك بنيران المصفحات والطائرات، حتى قتلوا منهم عددا كثيرا، والغريب ان بن سعود لم احتج على ذلك فيما لم يدر بالا لما فعله جيشه باهل القرى الآمنة من قتل وذبح للابرياء من الناس بمافيهم الاطفال والنساء!!!

 

والرتل الثانى توجه نحو “الحجاز” فاقتربوا من بعض القرى القريبة منها فانسحبت القوى النظامية هناك نحو الطائف، ولم تستطع بعد ذلك مواجهتها حتى تم للاخوان دخول الطائف واخذوا يطلقون النار على كل من شاهدوه من سكانها، ودخلوا البيوت عنوة وقتلوا من فيها ونهبوا الاموال، وانتشر رعب شديد بين الناس، وشرد منهم من استطاع الهرب، وكان من جملة من قتلوه فى هذه الوقعة “مفتى الشافعية الشيخ الزواوي”، وقتلوا ايضا ابناء “الشيخ عبدالقادر الشيبي”
سادن الكعبة”، ونجا هو بعد ذلك عن طريق تظاهره بالتوبة والسيف مسلطا على رقبته فتركوه!!

ووصل الخبر الى مكة وانتشر الذعر بين اهلها وفر بعضهم الى “جدة”، وطلب على اثر ذلك الشريف حسين من بريطانيا مساعدته، وجاءه الجواب من “القنصل البريطاني” بأن بريطانيا ممسكة عن التدخل فى الخلافات الدينية ولاتريد التدخل فى مسائل امتلاك الاماكن الدينية المقدسة!!،

وحقيقة الامر ان بريطانيا حاولت رفع يدها عن الشريف حسين لترتب امرها مع الحاكم القوى الجديد.

تنازل الشريف حسين لولده “عبدالله”، الذى انسحب بدوره بعد ذلك الى “جدة”، ودخل بن سعود مكة بدون مواجهة،

وحاول ان يطمئن الناس الى حكمه الجديد، ثم عرج على جدة لحصارها وحدثت حوادث كثيرة هنالك ذهب ضحيتها ارواح كثير من الابرياء، ولتنتهى الامور باستيلائه على جدة فى نهاية المطاف ليتم حكمه على الحجاز كاملا.

Leave a comment